يشبه الدعوة إلى حماية قطعة "الدومينو" الأولى وحتى لا تتساقط بقية القطع
الأخرى تباعا، طالبت العديد من الشخصيات المسلمة في أوروبا من مسلمي
سويسرا بالوقوف بقوة ضد رغبة اليمين المتطرف السويسري "منع بناء المآذن في
سويسرا".
واعتبر مسئولو الأقلية
المسلمة في أوروبا في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت" أن المعركة ليست
شرعية بقدر ما هي رمزية وتنتمي إلى الحقوق الأساسية للمسلمين في أوروبا
التي لا يجب التنازل عنها في بلد ديمقراطي من المفروض أن يضمن حرية
المعتقد وممارسته.
ومن المنتظر أن يجرى يوم 26
–11- 2009 استفتاء عام في سويسرا من أجل التصويت على مطلب تقدمت به مجموعة
برلمانية مكونة من "الاتحاد الديمقراطي الفيدرالي" (حزب مسيحي صغير)،
و"حزب الشعب" اليميني المتشدد بحظر بناء المآذن في سويسرا وضم جملة إلى
الدستور السويسري تقول: "إن بناء المآذن ممنوع في سويسرا"، على اعتبار
أنها أصبحت رموزا "لأسلمة سويسرا" و"ارتفاعها في سماء سويسرا دليل على
بداية النهاية للحضارة المسيحية".
وتعليقا على إدراج المسألة
ضمن "المدخل الشرعي الذي لا يفرض بناء المآذن" كمدخل للتنازل على الحق في
بناء المآذن، قال الشيخ "أونيس قرقاح" مدير الفتوى في اتحاد المنظمات
الإسلامية: "القضية حقوقية بالأساس؛ لأنه إذا كان للكنائس ودور العبادة
لليهود هندستها فإن للمسلمين الحق في بناء مكان عبادتهم بالشكل الذي يرونه
مناسبا لهم والذي يعبر عن هويتهم الدينية".
وأضاف قرقاح: "فرض شكل معين
على مساجد المسلمين في سويسرا وأوروبا بشكل عام يتنافى مع حرية العبادة
وحرية المعتقد التي تأسست عليها جميع الدساتير الأوروبية".
ومضى قائلا: "في الدول
العربية والإسلامية والتي لا تعتبر بالنسبة للكثيرين دولا ديمقراطية يبنى
فيها المسيحيون واليهود دور عبادتهم بما يتناسب مع تقاليدهم في بناء دور
العبادة، فلماذا يُحرم المسلمون من نفس الحق في أوروبا التي أصبحت بالنسبة
للكثير منهم بلدهم الأصلي؟".
وقال قرقاح: "يجب على مسلمي
سويسرا أن يطالبوا بحقوقهم، وأن يصمدوا في المطالبة بهذه الحقوق، وذلك
بالاعتماد على الطرق القانونية والسلمية التي يضمنها القانون".
ولا توجد مشكلة في فرنسا
والتي تعتبر أكبر بلد يحوي أقلية مسلمة في الغرب في مسألة بناء المآذن على
الرغم من العراقيل التي يواجهونها أحيان في بناء المساجد ذاتها.
طرح "إسلاموفوبي"
من جهته رأى إبراهيم الزيات
رئيس التجمع الإسلامي في ألمانيا الطرح الذي يتعلق بقضية المطالبة بمنع
المآذن في سويسرا هو طرح إسلاموفوبي بالدرجة الأولى؛ وبالتالي فإن أي
تنازل في هذه القضية هو غير مناسب وغير مجدٍ، بحد قوله.
ويضيف الزيات: "القضية أبعد
من كونها شرعية أو غير شرعية فهي حقوقية بالأساس ويجب الدفاع عنها بكل قوة
في هذا الإطار؛ لأن أي تنازل يعني التنازل على الحقوق التي يمنحها الدستور
السويسري لمواطنيه المسلمين , وبين الزيات أن "الأمر
يرتبط كذلك بالدفاع عن هوية الجيل الثاني والثالث والذي سوف يتذكر أن
أجداده قد دافعوا عن حقوقه أم أنهم تخلوا عن هذه الحقوق".
ويختم الزيات: "القضية في
نظري مبدئية؛ وبالتالي لا خيار أمام مسلمي سويسرا إلا الدفاع عن حقوقهم؛
لأن التنازل والضعف سوف يجرهم إلى التنازل في ملفات ومواضيع أخرى".
"لا تتنازلوا"
من جهته اعتبر الدكتور علي
أبو شيمة رئيس المركز الإسلامي الثقافي في مدينة ميلانو الإيطالية أن
اليمين المتطرف يفعل الفعل ذاته في كل البلاد الأوروبية؛ وبالتالي فإن
الرضوخ له يعني التنازل عن الحقوق
وقال أبو شيمة: "وصيتي
لمسلمي سويسرا هي عدم الرضوخ"، مضيفا أن بلدية ميلانو قد أصدرت هذا
الأسبوع قرارا تاريخيا بسبب تمسك المسلمين في هذا البلد بحقوقهم.
وجاء في قرار البلدية بحسب
أبو شيمة "أنه للمسلمين في إيطاليا الحق الكامل في بناء مساجدهم بشرط
معقول وهو أن يبعد المسجد عن أي دور عبادة موجودة حوالي 300 متر".
ولفت أبو شيمة إلى أن
"الفضل في إصدار مثل هذا القرار يعود إلى تمسك المسلمين بحقوقهم والنماذج
الجيدة التي قدمها كل من مركزنا ومسجد الرحمة الذي يقع في ضواحي ميلانو".
وكان أعضاء بمجمع البحوث
الإسلامية -أعلى جهة علمية في الأزهر والمختصة بإصدار الأحكام الشرعية- قد
دعوا مسلمي سويسرا إلى التعامل بعقلانية، وعدم التصادم مع حكومتهم إذا تم
إقرار قانون يحظر بناء المآذن، باعتبار أنها "شكل من أشكال الفن
المعماري.. لا يندرج ضمن ثوابت أو أصول الدين الإسلامي".
وعلى الرغم من أن موقف
مسلمي سويسرا يميل أكثر إلى الصمت والقبول بالأمر الواقع فإن أحدث
استطلاعات للرأي أجريت أفادت أن 53% من السويسريين يعارضون الحظر، بينما
يؤيده 35%، وبقي 12% مترددين.
ولاقى هذا الاقتراح معارضة
من الحكومة وأوساط عديدة داخل سويسرا؛ فقد دعا إلى رفضها كل من مؤتمر
الأساقفة الكاثوليك في سويسرا، ومنظمة الاتحاد السويسري للجاليات اليهودية
(أكبر جماعة يهودية سويسرية)، ومجلس الشيوخ ومجلس النواب السويسريين،
والمجلس السويسري للأديان.
ويعيش في سويسرا حوالي 400
ألف مسلم معظمهم من أصول بلقانية، ويمثلون 4% من جملة حوالي 7 ملايين هي
عدد السكان، ويبلغ عدد المساجد التي تحتوي على مآذن في سويسرا أربعة مساجد
فقط