center][/size][/color]
[center[size=24]]
[color=black]
المدير العام
في الوقت الذي انشغل فيه مواطنو غزة بنحر الأضاحي عقب صلاة العيد في أجواء من البهجة والسرور، انطلق المواطن محمد حويج (22 عاما) إلى مقبرة الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، ووقف أمام أضرحة أشقائه الثلاثة ووالده، لقراءة الفاتحة.
وبعد أن وضع إكليلا من الزهور على أضرحة أسرته التي ارتقت إلى العلا مطلع العام الحالي ، انحدرت دمعة ساخنة على وجنتيه، مستذكرا أحبته الذين مزقتهم صواريخ الموت الإسرائيلية إلى أشلاء.
مشهد حزين ساد المقبرة ، بعد أن توافد ذوي الشهداء لزيارة فلذات أكبادهم الذين ارتقوا خلال الحرب في ديسمبر الماضي، فالجميع قدم لقراءة القرآن ووضع أكاليل من الزهور على أضرحة الشهداء تخليدا لذكراهم العطرة.
ويمر العيد الثاني على نحو 1500 عائلة غزية، وقد اتشح السواد بيوتهم ونكأت أحزانهم فرحة العيد، فجروحهم الغائرة لم تجف بعد رغم مضي ما يقارب الـ 11 شهرا على الحرب التي دفنت أحلامهم تحت الأنقاض.
وخيم على المقبرة الشرقية أجواء مهيبة، وافترشت بعض النسوة التراب يحتضن صور أبنائهم وأزاوجهم الشهداء بحرارة، وغزا عيونهم حزن أبدي لم تفلح الأيام الماضية من طي صفحته القاتمة، ورسم البسمة على وجوهم في يوم العيد.
يقول محمد الذي لا يشعر بطعم العيد: "فقدت أعز ما أملك، وأصبحت حياتي مأساة بعد أن شردنا الاحتلال، متسائلا " أي عيد هذا ونحن نعيش ظروفا قاسية بعيدا عن منازلنا المدمرة التي فرقت شمل العائلة.
ويضيف بمرارة وحسرة " يوم العيد بمثابة يوم عزاء للعائلة، وحزن وبكاء لا ينقطعان، فهو يعيد للأذهان ذكرى أليمة، مشيرا إلى أنهم يستقبلون التهاني والتعازي في آن واحد.
ورغم دعوة خطباء المساجد أهالي الشهداء بطي صفحة الآلام والاحتفال بالعيد، إلا أن تلك الدعوة لم تجد متسعا في قلوبهم الدامية، ووجدوا في الذهاب إلى المقابر ما يخفف الضيق والآلام عن كاهلهم.
وتعددت طقوس الأحزان في المقبرة، فبعض النسوة اصطحبن أبنائهم الصغار، واجتمعوا في دائرة أمام إحدى القبور، وارتفعت أيديهم الصغيرة بالدعاء والرحمة لوالدهم الشهيد، فيما انشغل بعد الصبية بغرس الزهور وريها بجانب قبر أشقائهم وآبائهم.
وبينما يحتفل الغزيون بمناسبة عيد الأضحى، فإن معاناة مئات الأسر تستمر لغياب أحبتها ومعيلها، فالأسى يخيم على معظم بيوت القطاع حيث لا يخلو بيت واحد من شهيد، أو أسير.
مشاعر يعجز عن وصفها القلم، أو يسردها اللسان حملتها قسمات الشاب محمد ، فتارة تشع عيونه ببريق التحدي والصمود، وتارة يكتنفه صمت طويل يحن إلى صحبة أحبته التي كانت تملأ فراغه في العيد.
ويقول محمد بصبر وجلد: كان والدي رحمه الله يحتفل في العيد ، مع أصدقائه في المسجد ثم يعود إلى البيت ويجهز نفسه لزيارة صلة الأرحام، مشيرا إلى أنه كان يقضي أيام العيد بصحبة أشقائه الشهداء في زيارة الأقارب والأصدقاء.
وفي شوارع غزة استقبلت بعض الأسر عيد الأضحى بمشهد فتح جراحهم من جديد، فأمام بعض البيوت جلس الشبان يستقبلون من جاءوا لمواساتهم، وعبقت رائحة القهوة المرة المكان، وقام بعض الصبية بتقديم حبات من التمر للمواسين بدلا من الشوكلاته.
فرحة العيد وان كانت حاضرة في بعض البيوت، إلا أنها غابت عن عائلات كثيرة ذرف أبنائها ونسائها الدموع بعد تكبيرات العيد الأولى التي أعادت الحزن لقلوبهم لغياب الأحبة.