adnan المدير العام
عدد المساهمات : 277 نقاط : 676 تاريخ التسجيل : 21/09/2009
| موضوع: الطريق إلى إيلات مغامرة مثيرة بدايتها الأنفاق الجنوبية الخميس مايو 20, 2010 7:52 am | |
|
غزة- عدنان نصر
في ظل ضائقة العيش التي تحلق في فضاء مسكنه المتواضع، وتعيقه من تحقيق أمال جيش عياله السبعة، قرر المواطن (م خ) الذي أشرف على منتصف عقده الثالث المغامرة بحياته عبر رحلة شاقة في صحراء شمال سيناء على أمل باجتياز الحدود المصرية- الإسرائيلية قبل خمسة شهور، عله يجد فرصة عمل تنجد أطفاله من ضنك العيش المرير، وكسب مبلغا معقولا من المال يكفيه فترة من الزمن، أو عمل مشروع صغير يواصل من خلاله حياته بصورة طبيعية، غير مكترث لما ينتظره من أهوال، وسجن، أو رصاصة قاتلة يصوبها حرس الحدود المصري، أو قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تمشط الحدود لمنع عملية التهريب التي يقوم بها الأجانب إلى مدينة أم الرشراش المحتلة.
(م خ) الذي يقطن مع أسرته راودته الأفكار بالوصول إلى مدينة إيلات عبر الأنفاق الجنوبية ، ومن ثم الاتصال بصديق بدوي يقطن شمال سيناء يكون دليل رحلته مقابل 500 دولار، مشيرا إلى أن تلك الطريقة أفضل من اجتياز أسلاك الحدود الشرقية مع القطاع المتصلة بأجهزة إنذار، يمكن أن تودي بحتفه.
وبعزم وإصرار انطلق إلى مدينة رفح جنوب القطاع للاتفاق مع أحد مالكو الأنفاق لتهريبه، ولم يخطر بحسبانه أنه سيقع ضحية لجشعهم، فقد طلبوا منه 2000 دولار لتهريبه إلى الأراضي المصرية.
ساعات قليلة مرت عليه كالدهر فجشع مالكو الأنفاق وقف حجر عثرة في طريق رحلته التي انتهت قبل بدايتها، وانتظر طويلا وسط منطقة الأنفاق ريثما يجد فرصة في تحقيق مراده، ولكن بدون فائدة ، فهو بمثابة لقمة سائغة لتجار الأنفاق الذين ظنوا أنه هارب من جريمة ما أو مطلوب للعدالة.
وفي ظل تلك المساومات، وبدون سابق إنذار انقطع التيار الكهربائي عن منطقة الأنفاق ، وبدون تردد أو تفكير انسل داخل إحدى الأنفاق التي يكتنفها الظلام الدامس ، وهبط إلى باطن الأرض المظلم، وعلى نور كشاف جواله اهتدى إلى الطريق، وبعد مسيرة ساعة على الأقل وصل إلى العين المصرية التي كانت مغلقة بقطعة من الخشب ردم عليها كوم من التراب والأشجار لتضليل الأمن المصري، وقام بفتحها بمعول كان ملقى في باطن النفق، وصعد إلى الخارج ليجد نفسه في ممر منزل يعود إلى أحد البدو في مدينة رفح المصرية.
وبهدوء وحذر تمكن من مغادرة المنزل وسار في شارع ترابي محاط بشجر الصبر من الاتجاهين حتى وصل إلى منطقة مأهولة بالسكان، فاتصل بصديقه البدوي الذي سيؤمن وصوله إلى مدينة ايلات الواقعة بين مدينة العقبة الأردنية من الشرق وبلدة طابا المصرية من الغرب، وبدأت مغامرة مثيرة استمرت أسبوعين ، قطع خلالها مسيرة يومين بين الجبال التي تفصل الحدود المصرية عن "إسرائيل"، وانتظر ما يقارب عشرة أيام داخل مغارة في باطن جبل حتى تهدأ حركة حرس الحدود المصري الذي يمشط المنطقة بين الفينة والأخرى.
يذكر أن تلك المنطقة لم تستطع السلطات المصرية، أو الإسرائيلية من السيطرة عليها بسبب الجبال الشاهقة التي تلفها، ولم تفلح كل الجهود بوقف عمليات التهريب من قبل السودانيين و الإرتريتين، والفتيات الأجانب ولجأ الجانبان لاستخدام القوة المفرطة وإطلاق النار على المتسللين وقتل بعضهم أحيانا.
وتدرس "إسرائيل" إقامة جدار عازل لحماية حدودها على غرار الثعبان الأسمنتي الذي التهم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطع أوصالها، و يعزز الجيش الإسرائيلي من إجراءاته من خلال رفع حالة الاستنفار على الحدود المصرية الممتدة من قطاع غزة حتى إيلات خشية وقوع عمليات استشهادية تستهدف أمنه الداخلي.
بعد أسبوعين من الصبر والانتظار والعيش على قليلا من الماء والخبز هدأت حركة التمشيط على الحدود، وتمكن من التسلل إلى مدينة ايلات، واتصل بأحد أصدقائه من فلسطينيو الداخل لمساعدته في الوصول إلى إحدى المدن العربية للعمل فيها، وتجول بين شوارع ايلات غير مصدق أنه استطاع اختراق الحدود، ولكن فرحته لم تدوم فقبل وصوله إلى المكان المنشود للقاء صديقه فاجأته قوة من جنود الاحتلال، وتم اعتقاله لمدة أربعة شهور، وبعد أن انتهت محكومتيه عاد إلى القطاع .
ويضيف (م ح): لحسن حظي أنني تمكنت من اجتياز الحدود الإسرائيلية، فجميع الذين يتم اعتقالهم قبل اجتياز الحدود يحاكمون أحكاما عالية، إذا نجوا من رصاص الاحتلال أو السلطات المصرية.
يشار إلى أن العديد من الارتريين تم قتلهم قبل أن ينجحوا في التسلل إلى مدينة ايلات خلال العام الماضي.
رغم التكنولوجيا التي يتمتع بها الاحتلال الإسرائيلي وغطرسته وتباهيه بأمنه المحكم، إلا أن تلك المغامرات التي يخوضوها الفلسطينيون والسودانيون تؤكد أن الأمن الإسرائيلي هش يمكن اختراقه، وأكبر دليل على ذلك عمليات التهريب التي يقوم بها محترفو سرقة السيارات الإسرائيلية من الضفة الغربية عبر الجدار العازل فعن أي أمن يتحدثون.
| |
|