بكى سعدي السموني الذي انتهى لتوه من رمي الجمرة الكبرى في منى وهو يتذكر 30 من أفراد عائلته بينهم والدته وابن أخيه الذين استشهدوا في العدوان الصهيوني على غزة الشتاء الماضي.
وصل السموني و12 من أفراد عائلته الأربعاء الماضي لأداء مناسك الحج ضمن حجاج مكرمة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز التي تشمل ألفي حاج من أسر الشهداء الفلسطينيين بينهم ألف من أهالي شهداء الحرب الأخيرة التي استشهد فيها أكثر من 1400 فلسطيني.
ويعتبر السموني (35 عاما) وهو صاحب ورشة صغيرة لصيانة كهرباء السيارات في حي الزيتون شرق مدينة غزة نفسه محظوظا. ويقول وقد انتهى لتوه من رجم العقبة الكبرى 'لولا استشهاد أمي لما حصلنا على مكرمة الحج. دعوت لها وأنا على جبل عرفة وفي منى'.
ويتابع السموني وهو أب لستة أطفال 'لا تغيب صورة حبيبتي أمي عن خيالي لحظة واحدة. كانت أمنيتها أن تحج لكنها استشهدت قبل ان تحقق الأمنية'، مضيفا 'لا أتوقف عن الدعاء لله بالنصر على المحتلين وان يعوضنا عن دماء الشهداء الأبرياء'.
ولا يصدق شقيقه حامد (28 عاما) الذي فقد طفله البكر زكريا ابن السبع سنوات انه في منى. ويقول بصوت متهدج 'ينتابني شعور أنني في حلم..الحج حلم بالنسبة لنا..رغم أنني تركت أولادي ولم أشتر لهم ملابس العيد'.
ولأنه لا يملك جواز سفر لم يحالف الحظ إبراهيم والد الطفلة الماظة (12 عاما) التي نجت من الموت بعد مقتل والدتها وأشقائها الستة.
ويقول إبراهيم المقيم في خيمة فوق أنقاض منزله الذي سوته الدبابات الصهيونية بالأرض في اتصال هاتفي من غزة 'أمنيتي الحج.. فوجئنا بالمكرمة ولم يكن لدي وقت كاف لعمل جواز سفر'.
ودمر الاحتلال 4000 منزل بينها عشرات المنازل لعائلة السموني في حي الزيتون.
وعبر زياد النمر الذي استشهد ثلاثة من أبنائه في الحرب عن سعادته لأدائه وزوجته 'غالية' مناسك الحج ضمن المكرمة وقال 'لم أتوقع ان أحظى بهذه المكرمة .. تلقيت الخبر بسرور ..كنت أتمنى أن افرح بتزويج أولادي ثم أحج. هذه هدية من الله لأصلي من أجل أولادي وكل الشهداء'.
وتمنح المكرمة الملكية لواحد أو اثنين من أبناء أو آباء 'الشهداء' لأداء الحج.
وتمكن أيضا من أداء الحج والدا المقاتل حامد الرنتيسي الذي استشهد في العملية الفدائية التي خطف فيها الجندي الصهيوني غلعاد شاليط.
ولم تستطع والدة حامد مريم الرنتيسي (50 عاما) حبس دموعها وهي في مشعر منى بعد ان وقفت على صعيد عرفات ونفرت إلى مزدلفة وتقول 'الحمد لله اشعر أن ابني ولد من جديد..حامد كان بطلا رحمه الله'.
وأثنى زوجها موسى الرنتيسي (55 عاما) وقد بدا عليه التعب على مبادرة الملك عبد الله وقال إن 'الملك نصير لفلسطين ووفي للشهداء المسلمين'.
وتضم بعثة حجاج الأراضي الفلسطينية التي تحمل اسم 'فوج الوفاق الوطني' 9100 حاج إضافة إلى حجاج المكرمة الألفين.