أقدم مئذنة في سويسرا .. لا تُزعج أحدا

زيورخ- في حي "بالجريست" الراقي في شرق العاصمة السويسرية زيورخ، لا يكاد يشعـر أحد بوجود مسجد "محمود"، الأول في سويسرا، كما أن مئذنته، التي أنشئت عام 1963 بطول 18 مترا، لا تُزعِـج أحدا، على عكس المبادرة الداعية إلى حظر بناء المآذن الجديدة المقرر الاستفتاء الشعبي عليها يوم 29-11-2009.

ففي تقرير لها ترسم وكالة "سويس إنفو"، التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، صورة رمزية لحي بالجريست الذي يقع شرق مدينة زيورخ حيث يقِـف "البُـرجان" وجها لوجه، لكن أحدُهما مربّـع ورمادي وضخم لمسجد محمود، أما الثاني فهو للكنيسة البروتستانتية، واللذان شُـيِّـدا بشكل متقابل.

ويقول التقرير الذي نشرته الوكالة مساء الخميس 12-11-2009 إن "المئذنة تحوّلت إلى جزءٍ من المشهد العام في هذا الحي الذي يقطُنه الأثرياء، بل إن هذه السيدة المارّة، التي تقيم في بلدية "زوميكون" المجاورة، لم تنتبِـه إليها أصلا، وتساءلت: "إذن هي جديدة؟"، لكنها لم تخفِ دهشتها عندما عرفت تاريخ بنائها".

ففي يوم 22-6-1963، حضر العديد من الشخصيات حفل تدشين هذه المئذنة، وكان من بينها ظفر الله خان، وزير الخارجية الباكستاني السابق، وإيميل لاندولت عُـمدة مدينة زيورخ.
ولم تُثر المئذنة حينها إلا جدلا قصيرا جدا في أعقاب تدشينها، مثلما ذكّـرت بذلك صحيفة "نويه تسورخر تسايتونج" السويسرية عام 2006؛ حيث أشارت إلى أن بعض ممثلي الكنائس المسيحية في برلمان زيورخ انتقدوا موقِـف الجهاز التنفيذي المحلي، واتهمته بالتفريط في أرضٍ إلى "طائفة" (في إشارة إلى الطائفة الأحمدية، التي كانت وراء المشروع) وبإعفائها من الضرائب.

عُمدة المدينة أجاب على تساؤلات النواب آنذاك، بأن حرية الاعتقاد والضمير حق مكفول للجميع، مضيفا أن "الكنيسة البروتستانتية ومدينة زيورخ، تفتخران بانفتاحهما على العالم وبتسامُحهما، وبما أن زيورخ مدينة دولية تجتذب العديد من الأجانب، فلا يمكن لها إلا أن تستقبلهم كما يجِب، وعند هذا الحدّ، توقّـف الجدل، وفقا للصحيفة.

تعليب أجراسنا

وينقل تقرير "سويس إنفو" عن القس في الكنيسة البروتستانتية بالحي يورج كاوفمان قوله: "في مدينة عصرية مثل زيورخ، يشغَلُ مسجد مكانا طبيعيا جدا، أما في مواقِـع أخرى في الريف مثلا، فستكون المسألة أقل بداهة، كما أنه لا يمكن أيضا بناء كنائس في كل مكان".

ويضيف القس البروتستانتي: "منذ البداية، يجري التعاون إجمالا بشكل جيِّـد، فنحن نوفِّر أماكن لركن السيارات لصلاة الجمعة، كما نؤجِّر قاعات للأقلية المسلمة، لكن ومثلما هو الحال في أية علاقة هناك أمور تتمّ كما ينبغي وأخرى تتعطّـل شيئا ما".

وحول حظر رفع الآذان في سويسرا يقول كاوفمان: "لو تم تقديم طلبات في هذا الاتِّجاه لشهِدنا جدلا كبيرا، وقد اضطررنا نحن أنفسنا إلى تعليب أجراس كنيستنا لتخفيض قوة الصوت".

أما المواطن فيليكس هارتر، الذي يغادر حاملا مشترياته، فيتوقف للإجابة، قائلا: "المئذنة لا تزعجني بتاتا، وسأصوِّت بـ"لا" يوم 29 نوفمبر".

رمز معماري

أما أقوى الانتقادات للمآذن فجاءت من أحد المارّة، وهو سويسري من أصل صربي يقيم في زيورخ؛ حيث يقول: "على أية حال، ستكون النتيجة سيئة، فإذا ما كانت نعم للحظر، فإن سويسرا ستبدو غير متسامحة، وإذا ما كانت لا، فإن المآذن ستنبُت كالفقاقيع، وبما أن الإمارات لديها الكثير من الأموال، فبإمكانها تشييد مسجد في ليلة واحدة".

من جهته، يقول حسين خربوش، مفوِّض اتحاد المنظمات الإسلامية في زيورخ، "نحن لا نحتاج إلى مآذن، بل إلى أماكن للصلاة ولتعليم أطفالنا، وبالمناسبة فإن النبي محمد (صلي الله وعليه وسلم) لم يكن لديه مسجد بمئذنة".

ويضيف خربوش: "المئذنة رمز معماري، مثلما هو موجود في جميع الطوائف، لكن إذا رُفِـضت المبادرة، وهو ما أؤمِّـله، فإن ولاء المسلمين تجاه البلد الذي استقبلهم، سيكون أكبر من ذي قبل".

مكافحة الأسلمة

ومن المقرر أن يتوجه السويسريون للإدلاء بأصواتهم في 29-11-2009حول مقترح لحظر بناء المآذن، قدمه سياسيون ينتمون إلى حزب الشعب (يمين متشدد)، والاتحاد الديمقراطي الفيدرالي (حزب مسيحي صغير)، في إطار ما يصفانه بـ"مكافحة الأسلمة الزاحفة".

ويتيح الدستور في سويسرا لأي مجموعة من المواطنين إطلاق مبادرات شعبية لإدخال تعديلات عليه، أو إلغاء قانون سبق للبرلمان إقراره، أو تقديم مقترحات جديدة، من خلال جمع 100 ألف توقيع خلال 18 شهرا، وتسليمها للحكومة لعرضها للاستفتاء العام.

ويعيش في سويسرا -التي تقع في منطقة جبال الألب- أكثر من 300 ألف مسلم من تعداد السكان الذي بلغ حوالي 7.7 مليون نسمة نهاية عام 2008، وبها مئات المساجد، عدد قليل جدا منها له مآذن.

أقدم مئذنة في سويسرا .. لا تُزعج أحدا DSCN2890

أقدم مئذنة في سويسرا .. لا تُزعج أحدا DSCN2890

مشكورة كثير أخت سماح وأتمنى لك التوفيق في حياتك العملية وسعدنا بمواضيعك القيمة

شكرا كتير سموحة
تقبلي مروري

» احتجاجا على الحظر.. سويسري يحول مدخنة لـ"مئذنة"
» التمويل الإسلامي يدق أبواب بنوك سويسرا
» مسلمو أوروبا لمسلمي سويسرا: لا تتنازلوا عن المآذن