اضطر العشرات من رعاة الأغنام إلى رعي أغنامهم داخل الأحياء السكنية من خلال المساحات الصغيرة المزروعة الواقعة بين المنازل والمؤسسات.
ولم يعد هؤلاء الرعاة قادرين على الرعي في الأراضي المزروعة والعشبية التي عادة ما تقع بالقرب من الحدود الشرقية والشمالية بسبب النيران الغزيرة التي تطلقها قوات الاحتلال عليهم.
وأدت ممارسات الاحتلال إلى زيادة أوقات الرعي كما تقول أم يعقوب في الستينيات من عمرها، والتي وصلت إلى وسط حي النصر السكني لرعي أغنامها.
وامتطت أم يعقوب حمارا للسيطرة على عشرات الخراف والأغنام التي تجول في مختلف ميادين ومنعطفات شارع النصر وحول مكبات النفايات فيه.
وقالت أم يعقوب إن وصولها إلى هذه المنطقة رغم بعدها عن منطقة سكناها لم يكن صدفة أو من باب التلهي وإنما لعدم قدرتها على الدخول إلى الأراضي العشبية التي تقع بالقرب من الحدود الشمالية للقطاع مع إسرائيل.
وأكدت أن الرعي وسط الأحياء السكنية يكلفها الكثير من الوقت وفقدان بعض الأغنام لاصطدامها بالمركبات الكبيرة، ولكن لا خيار أمامها.
ولم تترك أم يعقوب ذات الجسد الهزيل أية حاوية نفايات إلا واقتنصت ما فيها من أكل ومخلفات تصلح للأغنام، خاصة بقايا الخبز والخضراوات.
ولا تجد أم يعقوب حرجاً في تقليب المكبات والأكياس البلاستيكية المحاطة بها، لافتة إلى أن أغنامها الكثيرة تحتاج إلى بذل جهد إضافي وعمل دؤوب للتغلب على نقص الأعشاب.
وعادة ما يتسبب هؤلاء الرعاة في التشويش على حركة المرور في المناطق السكنية والشوارع الرئيسة، علاوة على إثارة الأتربة والغبار.
وتحدثت أم يعقوب عن حادثة وقعت معها ومع حفيدها الذي أصيب أثناء مرافقتها خلال رعيها الأغنام بالقرب من أرض الغول والهجين شمال مدينة بيت لاهيا، وقالت إنها اقتربت من الموت لولا انبطاحها بعد أن أطلقت قوات الاحتلال الرصاص باتجاههما ما أدى إلى إصابة حفيدها إصابة متوسطة قبل عدة أشهر.
ولفتت إلى أنها قررت عدم دخول المناطق الخطرة حرصا على سلامتها وسلامة الأغنام التي تعتمد عليها في إعالة أسر أبنائها.
وعلى مسافة لا تبعد سوى مئات الأمتار ساق الشابان مهدي وناصر قطيعا من الأغنام يقدر بستين خروفا باتجاه أبراج العودة غرب حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، حيث أطلق سراح الخراف للبحث عن طعامها بين الأبراج السكنية وبعض المحال التجارية.
وأبدى ناصر الذي أخذ يراقب الأغنام قلقا شديدا إزاء عدم توفر الأعشاب اللازمة لرعي الأغنام، وأكد أن الرعي في المناطق المزروعة والعشبية أصبح مستحيلاً بسبب ممارسات الاحتلال.
وأوضح ناصر الذي ورث المهنة عن جده أنه يضطر إلى زيادة ساعات الرعي للتغلب على النقص الحاد في الأعشاب والمناطق المفتوحة المتاح لهم دخولها.
ويأمل ابن عمه مهدي بحلول موسم شتوي غزير لإحياء الأرض ونمو النباتات والأعشاب فيها حتى يستغنوا عن دخول المناطق الخطرة على الحدود مع إسرائيل.